نظام الإدارة الذاتية هو نموذج يتيح للموظفين إدارة أنفسهم دون الحاجة إلى إشراف مباشر من المديرين؛ حيث يتخذ الموظفون قراراتهم بشكل مشترك، ويقودون الفرق بمرونة وتعاون؛ ما يتيح لهم العمل بشكل أكثر استقلالية.
أحد أشهر الأمثلة على ذلك؛ هو نظام Holacracy، الذي تطبقه شركةZappos ؛ حيث تنقسم الشركة إلى “دوائر” مستقلة، يتخذ كل فريق قراراته بشكل جماعي؛ ما يعزز من روح التعاون، ويتيح للموظفين حرية أكبر في اتخاذ القرارات التي تؤثر على سير العمل.
من أبرز فوائد الإدارة الذاتية، زيادة الابتكار والإبداع؛ فعندما لا يوجد تسلسل هرمي صارم، يمكن للموظفين التفاعل بشكل أكثر مرونة واقتراح أفكار جديدة دون الخوف من رفضها بسبب القيود الإدارية، كما أن الإحساس بالمسؤولية في هذا النموذج يكون أكبر؛ حيث يشعر الموظفون بملكية حقيقية للأعمال التي يقومون بها؛ ما يحفزهم على العمل بشكل أكثر التزامًا وجودة.
كذلك، يسمح التفاعل السريع في اتخاذ القرارات بتوفير مرونة أكبر في التكيف مع التغيرات السريعة في السوق؛ حيث لا يحتاج كل قرار إلى المرور بسلسة طويلة من المراجعات أو الموافقات والروتين أو القيود الخاصة بالشركات؛ ما يجعل الشركات أكثر استجابة وتأقلُمًا مع المتغيرات.
ورغم فوائد الإدارة الذاتية، إلا أنها لا تخلو من التحديات، التي أبرزها تباطؤ عملية اتخاذ القرارات، خصوصًا في المواقف التي تتطلب الحسم السريع، في غياب المدير الذي يملك السلطة النهائية؛ إذ قد يجد الفريق نفسه في حالة من التأجيل المستمر؛ بسبب تضارب الآراء في عدة مواقف، ولا سيما إن كانت حاسمة؛ ما يعرقل سير العمل في الأوقات الحرجة.
كذلك، قد يواجه بعض الموظفين صعوبة في التكيف مع هذا النظام؛ إذ تتطلب الاستقلالية واتخاذ القرارات الذاتية، مستوًى عاليًا من الانضباط الذاتي والقدرة على التواصل الفعّال، والإلمام المُستمر بكل جوانب العمل؛ ما قد لا يناسب الجميع، خاصةً من يفضلون التوجيه والإشراف المستمر.
تعتمد الإجابة على هذا السؤال على نوع الشركة وصناعتها؛ ففي الشركات التي تعتمد على الإبداع والابتكار مثل شركات التكنولوجيا أو الشركات الناشئة، يمكن أن يكون هذا النموذج أكثر فاعلية؛ إذ تحتاج هذه الشركات إلى بيئة مرنة تسمح بتبادل الأفكار بسرعة واتخاذ قرارات جماعية دون عقبات؛ أما في الشركات التي تتطلب التنسيق الإداري الواضح والتوجيه الدقيق؛ مثل الصناعات الثقيلة أو القطاعات التي تعتمد على دقة العمل؛ فمن الصعب تطبيق هذا النموذج بشكل فعّال.
يتطلب نجاح نموذج الإدارة الذاتية، ثقافة تنظيمية قوية؛ حيث يُشجع الموظفون على التفاعل والتعاون في اتخاذ القرارات، بينما قد يبدو هذا النموذج مثيرًا للعديد من الشركات الناشئة أو التي تعمل في بيئات إبداعية؛ إذ لا يزال بحاجة إلى مزيد من التقييم والدراسة في القطاعات التي تعتمد على الدقة أو الإشراف المستمر.
إذا كانت الثقافة التنظيمية ومرونة الموظفين تسمح بتطبيق هذا النموذج، فقد يكون له تأثير إيجابي في تحسين الأداء والابتكار.
ومع ذلك، يبقى السؤال: هل كل الشركات قادرة على التخلي عن النموذج الإداري التقليدي؟